الصفحات
إبحث في المجلة
الوساطة في دولة الحق و القانون
2:42 ص |
تعديل الرسالة

دخول الجامعة يحتاج إلى (واسِطة), الحصول على وظيفة يحتاج إلى (واسِطة, ( حتى القبول في كليات ومعاهد التعليم المهني أصبح يلزمه (واسِطة), دخول المستشفيات للعلاج يحتاج إلى (واسِطة), وكل ما أخشاه الآن أن يحتاج (المولود) إلى (واسطة) للخروج من رحم أمه!!
الوساطة ظلم كبير للضعفاء العجيب في الواسِطة، أننا نحبها، بقدر ما نكرهها. ونجري خلفها, حتى بلغنا درجة متقدمة في الاعتماد عليها. وأصبح اليقين لدينا أن أي خدمة، لا يمكن الحصول عليها إلا بالواسطة. فنذهب باحثين عن موظف نعرفه، ثم نكتشف بالأخير أن معاملتنا تأخرت بسببه. لأننا أضعنا وقتا طويلا في البحث عنه!
فلهذا تعتبر الواسِطة معيق حقيقي للتنمية
، كما أنها نقيض للعدالة ومؤشر على الفساد الإداري، وفيها ظلم كبير للضعفاء ؛ فإذا كان لا يحصل على الخدمة إلا من لديه واسطة فمن للناس البسطاء والفقراء والمساكين...!؟
، كما أنها نقيض للعدالة ومؤشر على الفساد الإداري، وفيها ظلم كبير للضعفاء ؛ فإذا كان لا يحصل على الخدمة إلا من لديه واسطة فمن للناس البسطاء والفقراء والمساكين...!؟
تصور مديراً عاماً، لديه صلاحيات التعيين، فانه يحجبها عن عامة الناس. ثم تبدأ عملية التوظيف باجتهاد وفرز منه، بحيث يعين فقط من جاءه عن طريق وجيه، أو قريب، أو صديق، في حين يقول للمواطن العادي لا يوجد وظائف شاغرة. ثم تصور مريضاً يقال له لا يوجد سرير شاغر، ثم يذهب السرير الشاغر لمريض آخر، ليس أحوج . و قد يدخل الجامعة من تقديره مقبول أو متوسط ويحرم منها من هو أعلى تقديراً. فالواسطة بقدر ما تنفع أقلية تضر بأكثرية من أبناء المجتمع.
إن أي مشكلة يمكن علاجها شريطة الإقرار بوجودها والإجماع على اعتبارها مشكلة، أما إذا لم نعترف بأنها مشكلة فستبقى وتترعرع، وتفرخ الفساد. والغريب في أمر الواسطة ، أن البعض إعتبرها تعامل عادي بين أفراد الشعب يضفي عليها الشرعية ، ويسميها شفاعة حسنة . في حين نعلم علم اليقين ، أن الشفاعة الحسنة شيء آخر ، مختلف عن ما يتعارف عليه الآن بالواسطة؛ فالشفاعة الحسنة هي إيصال صوت الضعيف ، والمظلوم الذي لا يستطيع أن يصل إلى صاحب الشأن ، لضمان حقه وأنصافه . أما الواسطة فهي أن يسلب حق الضعيف، ليحصل عليه المقتدر أو القادر على الوصول.

إن أول خطوات القضاء على الواسطة، هو تجريمها اجتماعياً وشرعياً، ونظامياً ومحاصرتها إعلامياً.. قد يكون في ذلك صعوبة بالغة، نظرا لتغلغلها في وجدان المواطن، وتداخلها مع ثقافة المجتمع الذي لم يتخلص من تقليديته التي تخلط بين الخاص والعام، بل تحول العام إلى خاص، لتختلط بمفاهيم اجتماعية أخرى كالمروءة وغيرها. ومع ذلك فكل مشكلة يمكن حلها .
وقد يكون ذلك بالقرآن والسلطان . أقصد بالتوعية وبالأنظمة ، ثم تفعيل تلك الأنظمة بالعقوبات الرادعة . بحيث يكون هناك حملة وطنية تسخر لها كل الإمكانيات. بالضبط، مثل حملات التوعية بإضرار المخدرات والتدخين وغيرها لأنها لا تقل خطرا عن تلك الآفات وغيرها من الأمراض الاجتماعية. لان الواسطة ربما تؤدي وظيفة اجتماعية لفئة محدودة من الناس ، ولكنها في الغالب معيق كبير لحركة المجتمع نحو التقدم .

وكما قال الزميل ياسين العشيري ..تمضي الأيام و الأعوام ويبقى كلامي في هده الظروف الراهنة مجرد كلام عابر.
التسميات:
مقالات سياسية